زفة في المبنى المقابل

لا احب حفلات الزفاف. احب فقط مشاهدتها عن بعد.. تجذبني الزفة.. لا يهمني العروسان ولا قصتهما.. يهمني اكثر الذين من حولهما..
اراقب من بعيد الاقارب والاصدقاء والنساء على الشرفات والعابرين في الشارع.. كل وجه منهم يحكي الف قصة ومليون سيناريو اهم من انجاز العروسين..
ادقق في ملامح كل شاب وصبية من فرقة الزفة.. وجوههم المبتسمة واجسامهم الجميلة الراقصة تخفي تعب وكد وسعي للقمة عيش.. ربما هناك حزن؛ ربما هناك مأساة وراء الرقص..
مراهقان يجمعان القمامة بجانب العرس.. غريب هو المشهد.. مراهقان بملابس بالية ممزقة يجمعان التنك بجانب نساء مكتنزات بثياب غالية1.. رائحة القمامة اختلطت برائحة عطور فخمة.. الموسيقى والزغاريد منعت الاخ الصغير من سماع توجيهات الاخ الاكبر حول ما سيجمعه من تنك..
زادت الزغاريد وقل محصول التنك. المحصول الذي اصبح في كيسين اسودين على ظهر كل منهما..
اختفى المراهقان وبقي الحفل والنساء والرقص وروائح العطر..
تسربت رائحة القمامة من الرصيف المقابل..
اغلقت الشرفة، نجحت في منع ضجيج الزفة باغنية لفرج سليمان. لم اتمكن من منع جامعا التنك من الصراخ في رأسي..

دخان

تقول لي علبة ال

Kent

“التدخين يقتل”..
ادخن اكثر..

لقتل الغيرة
وقتل الغضب
وقتل الحيرة
انفث دخاني على الشوق
فلا يموت..

..
لماذا لا تنجح طلقات النيكوتين
بقتل صمتك؟

ما الذي يقتله التدخين تحديدا؟

حاولت اغتيال رجل يحبك
بسيجارة كراهية..
نجا بدرع صداقة اهديتِه اياه..
ألقم التبغ لمعارك لومك.

فاصيب نفسي برصاصاته الطائشة

….

في المقهى تستل يديك سيجارة من علبتي..
تسحبين رصاصة تبغ..
وتطلقينها في دمي..
وفي سحابة الاغتيال
اجد نفسي انحرف لمسار دخانك..
فأموت حباً..
نشوتي دخانك..
كفني دخانك..

…………

الدخان قد يكون انفاسك الباردة في كانون
وقد يكون ما ينتج عنه حطب مدفأتك..
وقد يكون حبنا..
هل حبنا دخان؟

……

لو كان حبك دخاناً
يسبب موتي
فأنا اول مدخن
واول حبيب
واول ميت…

……..

لن اتقيد اليوم بتحذيرات وزارة الصحة..
ولا بالمنشورات الطبية..
هناك تحذير واحد..
“حبها سيقتلك”
ساستمع له…
سأحبك..
وتقتلينني….

ايروتيكا| سريرنا غيمة

(١)

سريرنا غيمة

يختفي فيه الضوء

يشتعل به العطر…

(٢)

تنضج بشرتي بحبك كل صباح

اسقي ورودي من قُبلك،

شفتاك…

نهر لا منبع له…

(٣)

يهمس عنقك

بسر رائحته،

فاكتم سره…

(٤)

يبوح لي عاجك

بمخبأ الضوء

اسكن به،

واتلّمس الزغب…

(٥)

سريرنا غيمة

انا وانت،

شمس وقمر…

(٦)

ضحتك الخفيضة في الليل

ترنيمتي قبل أن انام،

هدهديني كطفل،

ينام في قوس ابتسامتك…

(٧)

ظهرك واحة

وانا بدوي عطش…

(٨)

لينبت العشب قليلاً

في حديقتك..

هناك تحب ان تلعب شفاهي…

(٩)

رجفة

وبعدها،

يتساقط المطر…

(١٠)

تتدثر نعومتك فيّ

اتسلق قممك،

بشفتاي…

(١١)

الرائحة،

تاريخ الحواس…

(١٢)

شفاه متعشطة للتذوق،

انا وانت..

فريسة الشبق، 

ضحايا البعد…

يوميات ما بعد انفجار، وما قبل موت منتظر

استيقظ..
اتفقد رأسي، قبل ان اصنع فنجان القهوة
لا أزال حياً..
***
لا جديد في اخبار الصباح
سوى صورة ملاك ذهب باكراً
وبقايا قاتل على الحائط
***
حبيبتي تترك بجانبي، وانا نائم
كلمات من حلوى
اتناولها صباحاً مع قهوتي
***
ارتديت ابتسامة ما قبل أمس
وتوجهت، متأخراً،
إلى العمل
***
أريد لهذا اليوم أن ينتهي
بأقل قدر من الموت

 

كنزات دوريس

أبو صقار.. يلتهم لحم اخيه ميتاً..

أبو عمار.. مات مسموماً، قبره مفتوح..

حرب دينية، بين رجال بلا دين.. 

دوريس.. تنسج الدفء لاطفال سورية في غرفتها في بريطانيا…

 أبي.. لا يزال يبحث عن لاشيء عبر ازرار الريموت..

أنا.. احاول ان اكتب قصيدة غزل،

السرير بارد، والنبيذ قليل…

لا شيء يزيل هذا البرد، لا شيء،

سوى كنزات دوريس..

مرة أخرى: هناك، بعيداً وراء البحر، قديسة تنسج الدفء لاطفال لم تلدهم..

وأنا.. أنحت لها تمثال من كلمات..

دوريس.. صوفك انعم من قلوبنا..

 

سوريالية | صبرا وشاتيلا

ركنت دراجتي قرب الباب

دخلت بحذاء متسخ وركبة مخدوشه

لا شيء غير اعتيادي هنا

الأب جالس على اريكته

ككل يوم

يشاهد الأخبار

ككل يوم

أيضاً.. لا شيء غير اعتيادي

والأم

واقفة على باب المطبخ

ملعقة كبيرة بيدها

تشاهد أيضاً الأخبار

بانتظار نضوج الطبخة

لا شيء غير اعتيادي هنا

سوى المذبحة

سال الدم من التلفزيون

ولوث السجادة

صرخ أبي

أذهب للنوم

بينما كانت امرأة تصرخ: وين العرب”

هربت لغرفتي

وفي طريقي

تعثرت بأشلاء طفلة

تقيأت ليلتها

كل ما تعلمته

من ألف وباء

وكل ما قرأته أمي من قصص ملونة

ونسيت كلمات الأناشيد المدرسية

واسماء الأعداد

ولم يبق في ذاكرتي

سوى رائحة موت

وصراخ امرأة

منذ ذلك الحين

وأنا أعاني

من رهاب

صبرا وشاتيلا

سيدي بوسعيد

DSC_5043

(١)

برائحة خفيفة

يفشي الفُل

أسرار

تحدث خلف باب أزرق

(٢)

تثاؤب الهر

يعلن بداية فترة الظُهر

ورحلة بحث عن ظل…

(٣)

أزهار قليلة متبقية

قبل عودة بائع الياسمين للمنزل

(٤)

فستانها الكحلي…

أخذني مع سُمرتها

حتى البحر

(٥)

كحلوى “البمبلوني”

ابتسامتها

مغطاة بالسكر

(٦)

احاول عبثاً

تهريب غروب الشمس

في حقيبة السفر…

(٧)

سيدي بو سعيد

وشمت ذاكرتي

بلون ازرق وقبلة بنكهة الياسمين…

الموت القابع تحت السرير

Image source: Banished from Camelot – Tumblr

(1)

كل ليلة أشعر ببرودة بشرته تخترقني.  يقبع تحت سريري كلما حاولت الخلود إلى النوم. يطاردني ذلك الهاجس منذ زمن بعيد، منذ كنت طفلاً، كان يأتيني كل ليلة ويهددني بأنه سوف يمسك بي عند اول محاولة للنزول على الأرض. ما أن تلامس قدماي الأرض، ستمتد يد رمادية باردة وتأخذني بعيداً. لا اعلم ان كان  ذلك الـ”هناك” الذي سيأخذني إليه هو مكان افضل أو أسوأ من هذا العالم.. لا يهمني! مجرد التفكير بالرحيل يقضُّ مضجعي.

(2)

لا يزال تحت السرير ينتظر. أتجاهله، او أقنع نفسي بذلك، استحضر رائحة امرأة عبرت بي ذات مرة، أغمض عيناي، أجد نفسي على شاطيء صخري.. اتسلق جبل، أصل لقمته، لأجد شيخاً يبيعني خبزاُ.. أخبرتني صديقتي ذات مرة أن الخبز في المنام لا يبشر بالخير، صمتت، وصمتّ.. لم أسألها عن التفاصيل.. اكملت ارتشاف قهوتي، أشحت  بوجهي عنها قبل أن تختفي تاركة قطعة حلوى على المنضدة.

(3)

صدمت بسيارتي هرة اليوم، هل يتوجب علي دفع ديّة؟ أجابني بالطبع! شعرت بالحزن واقمت وليمة لقطط الحي تلك الليلة.

(4)

هذه الليلة الثانية التي لم انم فيها.. ربما كميات “النسكافيه” التي ابتعلتها طيلة النهار هي السبب. كنت اخاف  الظلام عندما كنت صغيراً. أذكر تماماً كيف كنت اخبيء جسمي الصغير تحت اللحاف، وكأنه هو المنقذ، تكوير جسمي وعدم الحراك هو الحل الناجع لكل الأخطار التي تحدق بي حالما تطفيء أمي الضوء..  ربما هي الغريزة.. قرأت ذات مرة أن هناك حيوانات تتصنّع الموت لتنجوا من صياديها. هل كنت أتصنّع الموت لأنجو من الموت؟

(5)

أنا اعلم أنه لا يرحل دون أن يأخذ شيء معه.. البارحة أخذ معه وردة كانت في مزهريتي.. منذ مدة، أخذ معه قريباً لي في رحلة. وعدني بأرجاعه، لكنه لم يفعل. قد يأخذ أشياء عدة.. سأعطيه بعض الوقت من إجازة نهاية الأسبوع. أهديته ذات مرة خلايا سيئة في الدم ليهديني جولة في نفق مظلم، أوصلني لبقعة ضوء ولكنه سرعان ما أعادني مع أول رجاءٍ لصديق ودمعة أم. الجدير بالذكر أنه لم يتمكن من اخذ عطرها الممتزج بذاكرتي..

(6)

أزاول نشاطاتي المعتادة كأن لا شيء سيزول. مها حاولت، أجد يديه تقتربان من تجاعيد كبار السن، أسمع قهقته تصدر من قطرات الأمصال في المستشفيات، اقرأ أسمه مدموغاً على رصاص الأسلحة والسيوف المتعطشة للدماء.. يرسل لي بطاقة دعوة كلما حذرتنا المراصد من زلزال وشيك…

(7)

سيبقى قابعاً تحت السرير.. لن يذهب مهما تمتمتُ بآيات قرآنية وأدعية أوصتني أمي أن أتلوها بشكل يومي. يزورني بالكوابيس حاملاً معه أسناناً مقلوعة. وفي النهار أقرأ مقالاته في عاموده اليومي: “الوفيات”.. وان اجتنبت قراءته، يهاجمني على الجدران.. بملصقات رخيصة الثمن..

(8)

سيبقى قابعاً تحت سريري ينتظر، أسمع ضحكاته.. امزجها مع موسيقى نيرفانا السوداوية، أطأ على أوراق أشجار خنقها الخريف. أشاهد طفلاً يدخل مدرسته، أُيقن أني هزمته هذا الصباح..أضحك، واكمل طريقي للعمل..

أب

حزام أبي،

رسم خطوطًا على ظهري

ما زلت أسير عليها حتى الآن..

***

كطفل،

ينتظر أبي أن أتجاهل مرض السكري

و اقدم له الأيسكريم

***

تعزف عصا ابي

موسيقى وجع، كلما سار لغرفة النوم

اتظاهر بالصمم

واتالم بهدوء

***

أبي

نصف نبي

يسكنه التعب

***

أم

كل فجر

تتوضأ أمي بماء من نور،

أسمع اسمي مع تمتمات دعائها..

سأغفو قليلاً

ريثما تنتهي الملائكة

من غسل قلبي…